تأسست حارة المغاربة في مدينة القدس في القرن الثاني عشر الميلادي، وتقع بالقرب من سور المسجد من جهة الغرب، ويشكّل هذا الحي ما نسبته 5% من مساحة القدس القديمة
وكانت تعد وجهة للحجاج والزوار من المغرب العربي والأندلس، حيث يكانوا يقطنون فيها أثناء قدومهم لزيارة المسجد الأقصى المبارك، يتألف الحي من مجموعة من البيوت التقليدية التي تعود إلى العصور الوسطى، وتمثل موروثًا ثقافيًا للمغاربة المسلمين الذين سكنوا هذه المنطقة، ومن أهم المعالم التاريخية في هذا الحي “باب المغاربة”،وباب المغاربة هو أقرب الأبواب للدخول للمسجد الأقصى الشريف، و هو ملاصق تماما للجدار الغربي للمسجد الأقصى، كما أنه ملاصق أيضا لحائط البراق الذى ربط فيه الرسول محمد صل الله عليه وسلم دابته عليه ليلة الإسراء والمعراج,
وتعتبر هذه البوابة رمزًا للعلاقات الثقافية والتجارية بين المغرب العربي وفلسطين.
سكن المغاربة في هذا الحي، حين طلب القائد صلاح الدين الأيوبي المدد من سلطان المغرب يعقوب المنصور، وتزويده بأساطيل بحرية لتسانده في تحرير مدينة القدس من الصليبيين، فجهّز سلطان المغرب أسطولا ضخما لمساندة الجيش الإسلامي في المشرق العربي، حيث شكّل المغاربة ما بين 20-25% من الجيش الذي قاده صلاح الدين الأيوبي وانتصر به في معركة حطينوكان ذلك عام 1187 للميلاد.
وبعد الانتصار أراد معظم المتطوعين العودة إلى أوطانهم، مثل المتطوعين المصريين والشوام وغيرهم، إلا أن صلاح الدين سمح للجميع بالعودة إلا المغاربة، فقد رأى فيهم ما لم يره في غيرهم. وحين سُئل صلاح الدين عن سبب تمسكه بالمغاربة، وطلبه منهم البقاء في القدس، وبناء حي خاص بهم، وإجراء الأموال والأوقاف عليهم، فقد أجاب بأن المغاربة قوم “يعملون في البحر ويفتكون في البر”، أشداء على الكفار، لا يخافون طرفة عين في الدفاع عن المسلمين ومقدساتهم.، وقال”أسكنت هنا من يثبتون في البر ويبطشون في البحر، وخير من يؤتمنون على المسجد الأقصى وعلى هذه المدينة “،ومنذ ذلك الوقت بدأت الوقفيات المغاربية تتزايد في مدينة القدس ،و كان الحجاج والمحسنون المغاربة يحرصون أثناء توجههم إلى مدينة القدس، على التوقف في القدس الشريف والقيام بأعمال خيرية، واقامة أوقاف تستعمل في الإنفاق على حاجيات المغاربة المقيمين أو العابرين في مدينة القدس أو المسلمين القاطنين فيها. ”
ومنذ ذلك التاريخ أصبحت حارة المغاربة من المعالم الإسلامية التاريخية الواضحة في مدينة القدس، وبقي هذا الحي قائما حتى سنة 1967 حيث وقع الحدثُ الأكثر تأثيرًا في تشكيل البلدة القديمة في القدس، إذ شرعت جرّافات الاحتلال في هدم حارة المغاربة، و بعد عمليات هدم استمرَّت 4 أيام متواصلة، كانت النتيجة تسوية الحارة بالأرض. حيث دمّر الاحتلال 136 منزلًا و4 مساجد ومدرسة الأفضلية وزاوية المغاربة ومقام الشيخ
وقد نتج عن هذا الهدم أيضًا طمس وإزالة معالم الأوقاف المغربية الإسلامية، التي تربط تاريخ المغرب الإسلامي ببيت المقدس، والتي دامت قرابة 7 قرون. هذه الأوقاف التي تعتبر عدا عن ملكيتها للمسلمين في جميع أنحاء العالم، فهي ملك لمئة مليون مواطن من مواطني المغرب العربي من تونس والجزائر والمملكة المغربية، فهي ملك أجداهم الذين أتو وضحو وسكنوا في هذا الحي أو أوقفوا شيئا من حر مالهم فيه.
فاليوم عندما يدافع الجزائري والمغربي والتونسي عن القدس والمسجد الأقصى فهو يدافع عن عقيدة تربطه بهذا المكان المقدس ويدافع أيضا عن وقف أسسه أجداده في هذا المكان وعن حي ملكه أجداه وعاشوا فيه وعن أرض ارتوت بدماء أجدادهم الذين أتو الى هذا المكان وشاركوا في الفتح الصلاحي واستشهدوا فيه، وهو اليوم في طور إعداد جيل جديد ، جيل يحرر المسجد الأقصى من غزاة مغتصبين كما فعل أجداده ، حتى يعود مرة أخرى الى القدس والى رحاب المسجد الأقصى والى رحاب المكان ذاته الذي سكن فيه أجداده، ويعيد صرحا بارزا من أصرحة المدينة ومعلما ارتبط بقدسية وتاريخ هذه المدينة وهو حارة المغاربة.