النكبة حكاية ألم عربي فلسطيني،النكبة تاريخٌ ممزوج بالألم والحسرة يستوطن عقل ووجدان كلّ فلسطيني وعربي، خاصةً أولئك الذين عاشوا أحداث النكبة وجربوا مرارة الشعور بأن يفقد الإنسان وطنه في لحظة غدرٍ من كيانٍ جاء ليسلب حقوق شعبٍ آخر، ولهذا سيظلّ يوم النكبة بمثابة التاريخ الذي يقصم القلب حتى يتمكن العرب والفلسطينيون من استعادة أرضهم.
منحت النكبة للعدوّ حقًا لا يَملكه فاحتل الصهاينة الأراضي الفلسطينية، وهجروا أهلها، وارتقى كثير من الشهداء من أبناء فلسطين والأمة وهم يُدافعون عن أرضهم وحقهم، فوقف معظم العالم صامتًا أمام الجرائم التي اقترفها الكيان الصهيوني في حق أبناء فلسطين، إذ أصبحت فلسطين محتلةً مسلوبةَ الحرية، وذلك يجعل حياة الفلسطينيين مأساةً متجددةً لا تنتهي، تبدأ مع كلّ صباح وتتجدد مع طلعة كل شمس.
النكبة ليست مجرد خسارة عادية لأرض فلسطين، بل هي حكاية لألمٍ لا يزول وجرحٍ لم يُشفى، يتحمل ألمه الفلسطينيون في كل لحظة؛ لأنّهم ذاقوا كل معاني الأسى وهُم يُشاهدون بيوتهم تُهدم وأراضيهم تُسلب ومزارعهم مستباحة، كما استبيحت المقدسات الإسلامية في القدس وأصبحت في يد الاحتلال الظالم الذي يُمارس استبداده وتوسعه الاستيطاني يوميًا.
منذ النكبة عام 1948م بدأت المعاناة الحقيقة المستمرة إلى اليوم، إذ لم يكتفِ الاحتلال الصهيوني الظالم بالاستيلاء على بيوت الفلسطينيين وأراضيهم، وإنّما هجرهم وقتل أبناءهم، فما كان للعديد منهم إلا أن تركوا بيوتهم قسرًا، بدلًا من الآلاف من أرواح الشهداء الفلسطينيين التي ارتقت إلى بارئها دِفاعًا عن الأرض والعرض.
إنّ عام 1948 هو عام النكبة والهجرة، والعام الذي أصبح فيه الفلسطينيون يُعانون من اللجوء إلى الدول المجاورة، فتفرقت العائلات الكبيرة وضاعت الأراضي وأصبحوا في الشتات وانقطعت أخبار الكثير منهم وضاعت هُوياتهم وأراضيهم، وتمكّن الإسرائيليون من تنفيذ مخططهم الإجرامي في حق فلسطين، وأصابونا جميعًا بالقهر على الحال الذي أوصل أهلنا في فلسطين الحبيبة إلى ما هُم عليه.
لم يزل الكثير من أبناء فلسطين الذين هُجروا قسرًا من بيوتهم التي دُمرت يحتفظون بمفاتيحها، ولا زلنا نستمع إلى حكايات الآباء والأجداد عن تلك الفترة الصعبة على جميع العرب والفلسطينيين، فنحن جزءٌ من الأمة العربية الإسلامية وستظلّ فلسطين قضيتنا دومًا التي نسعى لأجلّ حلّها والعودة إلى ما كانت عليه قبل النكبة.
النكبة الفلسطينية هي نكبتنا جميعًا، ومصيرنا البائس الذي سَرق منا الحرية والهُوية، وواجبنا أن نفعل أيّ شيء مقابل استعادة الحقوق العربية في الأراضي الفلسطينية، وعلى الرغم من الشهداء الذين يدفعون من دمائهم ثمنًا لاستعادة حرية فلسطين إلا أنّ هذا لا يُعفينا من المسؤولية تجاهها هي قضيتنا جميعًا التي لا تنازل عنها أبدًا.
النكبة مزيجٌ من الدم الفلسطيني الطاهر الذي جرى على أرض فلسطين ليُضيء لنا عتمة الدرب التي افتعلها الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، والنكبة هي القرصة الخبيثة التي جعلت السم يسري في عروقنا جميعًا من عرب ومسلمين لنرى من خلالها ضعفنا وعجزنا أمام هذا الغدر الذي أخذ منا فلسطين بوصفها مهبط الديانات السماوية ومهد الحضارات القديمة والحديثة ومنارة البلاد العربية.
فلسطين تعيش في قلب وجدان وروح كل واحد منا، وتُستعاد أراضينا المحتلة من عيون السارقين، وهذا وعد علينا جميعًا أن نقطعه على أنفسنا كي تظلّ فلسطين في قلوبنا دومًا. إنّ النكبة تُعلمنا ألّا نسكت عن الحق، وأنّ الظلم لا يدوم أبدًا وأنّ من يسكت عن حقه سيُظلم ويموت سريعًا، وهذا ما لم يقبله الفلسطينيون؛ لأنّهم أصحاب الحق، ونحن جميعًا كعرب ومسلمين علينا أن نكون يدًا واحدةً في وجه الظلم الكبير الذي تعرض له الفلسطينيون في أرضهم حيث استبيحت حرماتهم.
علينا أن نُعلّم الأجيال بأننا نحن أصحاب الحق وأن يعلم العالم أجمع بالقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، فاللاجئون الفلسطينيون في جميع أنحاء العالم من حقهم أن يستعيدوا أراضيهم، ومن حقنا جميعًا أن نفرح بتحرير فلسطين من البحر إلى النهر واستعادتها كاملةً غير منقوصة.
في الختام، لا يُمكن نسيان حكاية ما بعد النكبة، وكلّ ما أفرزته من مآسٍ كثيرة بالنسبة للفلسطينيين في العالم أجمع، حيث أصبح الكثير منهم يحلمون العودة إلى بيوتهم وأراضيهم في فلسطين دون أن يكونوا مُعرضين للقتل، ودون أن يجدوا بيوتهم وأراضيهم وقد أصبحت في يد