أحب القدس و كل الطرق التي تؤدي اليها.. فهناك ارتبطت و كبرت جميع أحلام طفولتي .. ورغم أنني كبرت الا انني لازلت على نفس الحلم القديم الذي لازلت أعود اليه مراراً بلا توقف، فقد اعتدت أن أتخذ القدس ملجئي الآمن كما كانت ملجأ الأنبياء من قبل وأرض النجاة لهم …و هكذا أنا تماماً أجد فيها مأمني و أماني … فوحدها من تحتويني و تحتوي خوفي …ولكن مع الأيام، أيقنت أن الحفاظ على أحلام الطفولة الطاهرة تشوِّهها شهوات الحياة.. و كم نحن بحاجة إلى مجاهدة يوميّة مستمرة لكي لا نفقد طهارتها… لا أعلم كيف يُمكن لقلب تفتن به الحياة من كل الجهات أن يظلّ مرتبطًا بأقدس ما يمكن للإنسان أن يحبّ؟ كم اتمنى ان استطيع الحفاظ على هذا الحب للأبد و كم أخاف أن أفقده. وحده الله يعلم المسافات التي قطعناها هربًا من الشعور باليأس والفشل والاستسلام للأمر الواقع، والأدعية اللامتناهية التي تعلقنا بها كآخر خيط أمل ينقذنا من حالنا، وعدد المرات التي وقعنا بها ولم ينتشلنا أحد سوى الصوت العميق المدفون داخل قلوبنا: “احفظ ثغرك، لا تخذل اقصاك… اقصاك ينتظرك ويحتاجك اليوم أكثر من قبل. وربما في هذه المناسبة يتوجب عليّ أن أشكر أناشيد الأقصى، فهي أكثر ما يذكرني به.. لدي ألف سبب وسبب لأحب هذه الأناشيد ولأعتبرها واحدة من أقوى الطرق التي نجحت في زيادة تعلقي بالقضية.. لا شيء حرفيًا يمكن أن يجاوز هذه الأناشيد في قلبي مكانةً، ابتداءً من أول ما سمعته في شريط أطياف الاستشهاد وصولًا إلى اخر أناشيد عرين الأسود. عاشت فلسطين بنسائها ورجالها وأطفالها، أقوى من أي وقت مضى محتلوها مهزومون وخاسرون وسوف يظلون كذلك إلى الأبد و حرية هذه الأرض مؤكدة وواضحة الى حين اللقاء بالحلم القريب البعيد: حبيبتنا يا قدس..
مشاركة