إنّ لكُل أمةِ ما تَعتزُّ بِه وَما تلتفً حَولهُ وَتدَافِعُ عَنه وتتمسّك بِه وتُقدِّسه، ومن فَضلِ الله عَلى أمّتنا الإِسلامِية أنّ لَها العَديدَ مِن المقدّسَاتِ التِي قَدّسَها هُو سُبحَانه وتعَالى وبَارك فِيها وحَولها، ومِنها النُصوصُ كالقُرآنِ المحفوظِ والسُنة النبَويَة الشريفةُ، ومِنها الزَمانيةُ كيومِ الجُمعة وشَهر رَمضان الكَريم وليلةِ القَدر وغَيرهِم، ومِنها المَكانية كالكَعبة الشَريفة في مكة والمَسجِد النبوِي الشريف في المدينة والمَسجِد الأقصَى المُبارك فِي القُدسِ الحَبيبة.
والتي جَعل اللّه لِكل مِنها خُصوصية ولكل مِنها أجراً و جزاء ، فَكانَ لِكل مِنها مَكانة عَظيمَة.
وإن تَحدّثنا هذه المَرة عَن المسجِد الأقصَى المُبَارك بصِفة خَاصة فَنقول عَنه قَبل ذِكر مَكانَته وفَضلِه أنّه هُو معيار قوة الأمة وضعفها ، يَختصُ بقَضِيته كُل مسلِم على الأرضِ وليسَ قَضيةُ تَخص أهلَ فِلسطين الحَبيبة وحدِهم، فمَا يَمسُّهم من سُوء أو اعتِداء يمس الأمة جمعاء يَكُون وَاجبا عَلى كَافة المُسلِمين الرد عَليه بالرَفضِ والاعتِراض والمُساهمة بكل ما هو مُتاحَ لرد هذا الاعتداء، فالمسَاهمةُ فِي تَحرير تِلك الأرض الطَيبة كانت واجِبا عَلى الذِين سَبقونا وهي وَجبُ عَلينا الآن وعَلى الذين يأتون مِن بعدِنا إن شَاء ربِي .
نسأل الله العون والقَبول
فِي حَديثنا عَن مَكانتِه نستطيع أن نقول الكثير والكثير هو “أولى القِبلتين” فهو أوّل قِبلةٍ صلّى إليها المسلمون بعد فرض الصّلاة عليهم، ففي صحيح البخاريّ: ” أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان أوّل ما قدم المدينة نزل على أجداده أو قال أخواله من الأنصار، وأنّه صلّى قِبَل بيت المقدس ستّة عشر شهرًا أو سبعةَ عشر شهرًا«.
وهو “ثاني المسجدين” فهو ثاني مسجدٍ وضع في الأرض بعد الكعبة المشرفّة بأربعين سنة، ففي صحيح البخاريّ أن أبا ذرّ رضي الله عنه قال: “قلت يا رسولَ الله، أيّ مسجدٍ وضع في الأرض أوّل؟ قال: المسجد الحرام، قال: قلت ثمّ أيّ؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون سنة« .
وهو “ثالث المساجد التي لا تُشدّ الرّحال إلّا إليها” فقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تُشدّ الرّحال إلّا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام و مسجد ي هذا و المسجد الأقصى ” وهو “مسرى النبيّ صلى الله عليه وسلّم” فإليه كان الإسراء، وفيه التقى النبيّ صلى الله عليه وسلّم بالأنبياء وصلّى بهم إمامًا، ومنه كان معراجه صلى الله عليه وسلّم إلى السماء السّابعة.
قال الله تعالى في الآية الأولى من سورة الإسراء: “سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ”
و في فضائله قيل أن الصلاة فيه تعادل ألف صلاة فيما سواه عدا المسجد الحرام والمسجد النبوي، فعن عَبد الله بن عُمر رضي الله عَنهما أنه قَال: سمِعت رَسول الله صَلى الله عليه وسلم يقول:” الصَلاة فِي بيتِ المقدِس خيرٌ من ألفِ صلاةٍ فِيما حواله إلا في المسجِد الحرام ومسجدي هذا ”
وهُنا علينا أن نسأل أنفسنا، مَا هو الواجبُ الواقع كَافة أبناء الأمة الإسلامِية اتجاه المسجد الأقصى، الواجب أن نكون العَون و السَند لِكل مَن هُم هناك، وأن ننصر القَضية الفلسطينية بِكل ما هو مُتاحُ وأن لا نتخَلى عَنها، هذا مسجدنا و أقصانا وقضيتنا التي علينا أن نعمل بلا كلل ولا ملل حتى نعيده الينا ونحرره من عدو اغتصبه واحتله وشرد أهله.