حُبُّ الأقصى بين المعرفة والعمل
Wednesday 17/05/2023من لطائف سورة الكهف، أن الخالق تبارك وتعالى أشار في قصة سيدنا موسى عليه السلام مع الرجل الصالح إلى معانٍ كثيرة من الممكن أن نسقط عليها جهودنا في العمل للمسجد الأقصى المبارك، حيث قال الله تعالى “قَالَ لَهُۥ مُوسَىٰ هَلۡ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰٓ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمۡتَ رُشۡدٗا (66) قَالَ إِنَّكَ لَن تَسۡتَطِيعَ مَعِيَ صَبۡرٗا (67) وَكَيۡفَ تَصۡبِرُ عَلَىٰ مَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِۦ خُبۡرٗا (68) قَالَ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرٗا وَلَآ أَعۡصِي لَكَ أَمۡرٗا (69)” الآبات 66 – 69 من سورة الكهف، وهنا نقف على ثلاثة من هذه المعاني:
المعنى الأول هو العلم والمعرفة بالشيء قبل العمل به أو حتى الحكم عليه، وهنا نذكر القاعدة الفقهية التي تقول أن الحكم على الشيء فرع من تصوره، حيث لا بد للعاملين للمسجد الأقصى المبارك أن يتكون لديهم الفهم والعلم الكافي الذي لابد منه حول المسجد الأقصى، من حيث الوقائع التاريخية، ومعالم المسجد وحدوده، وأهم التحديات التي تواجهه وخاصة من طرف الاحتلال الصهيوني، وكذلك فهم الدور الذي يمكنني القيام به من مكاني وفق إمكانياتي وقدراتي، وبهذا نستطيع الانتقال إلى مرحلة العمل للأقصى سواء بشكل منفرد أو بشكل جماعي وهو الأفضل في كثير من الأحيان، حتى تتكامل الجهود، ونختصر التكاليف والموارد، سواء البشرية أو المالية، وكذلك الوقت.
المعني الثاني هو الاجتهاد في العمل، والاستمرار به، والتقييم من الحين إلى الآخر، ومشاركة جهود الآخرين، والوقوف على دقائق وتفاصيل الأمور، والعلم بمآلات الأمور والأفعال، ومراعاة القواعد والضوابط التي تحكم الزمان والمكان الذي نتحرك ونعمل فيه، وإخلاص النية في هذا العمل ليكون مقبولاً من الله تعالى، واستشعار معية الله، والدعاء والتضرع إلى الله تعالى أن يُعيننا وييسر أمورنا ويتقبل منا، وأن نتكامل مع أعمال غيرنا، وصولاً إلى تمام المهمة والعمل على أصوله عملاً بتوجيه النبي صل الله عليه وسلم أن الله يُحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يُتقنه.
أما المعنى الثالث وهو موجود في كل المراحل وهو الصبر، حيث أن طلب العلم والتزود بالمعرفة يحتاج الوقت والصبر والجَلد وتحمل المشاق والمتاعب، وكذلك العمل يحتاج إلى الإصرار والمثابرة والاجتهاد حتى يكون متقنناً وكاملاً كما يُحب ربنا ويرضى، وكذلك طريق العمل للأقصى يحتاج منا الصبر على السوء والأذى من الآخرين، سواءً كانوا من الأقارب والمحيطين بنا من أبناء جلدتنا، أو من العدو الذي يتربص بنا ويحاول عبثاً أن يُسكت أي صوت أو عمل أو حتى إشارة تفضح إرهابه وإجرامه.
إذا لنعلم ونعرف، ثم نعمل ونتحرك، وعلى طول الطريق نصبر ونصابر ونرابط ونتقي الله لعلنا نكون من المفلحين، كما قال تبارك وتعالى “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ” الآية 200 من سورة آل عمران
بشار زغموت