الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائد المجاهدين، وإمام المتّقين، وقدوة العابدين، سيدنا محمد صلى الله وسلم عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وبعد..
إن المتأمل في كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- المتمثّل في الحديث النبوي: عن النّعمان بن بشير -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسّهر والحمّى” متفق عليه.
يا لجمال هذا الكلام! ويالروعة هذه المعاني! صورة مشرقة معبرة تسمو إلى أعلى الرتب، وترقى إلى مدارج السالكين؛ يبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن حال الأمة كحال الجسد، فإذا اشتكى فرد أو تأذى فإن المسلمين في أي مكان تواجدوا فيه يألمون لهذا الفرد، تماما كالجسد الذي تألّم أحد أعضائه فهل يرتاح؟ أو هل يشعر بالطمأنينة والهدوء؟
دعونا نوسّع الدائرة فنقول: وإذا تعرّض قطر من أقطار العالم الإسلامي الكبير -لا قدّر الله- للأذى والظلم والاعتداء، فهل يشعر بقية أقطاره بالأمن والأمان؟ الجواب حتما لا، فكيف إذا تعرّضت قبلة المسلمين الأولى ومسرى خير الأنام محمد -صلى الله عليه وسلم- للظلم والقهر والاعتداء، فهل ننعم أو نسلم؟
وهذا ما يحدث تمامًا، ففي كل مرّة يتعرض المسجد الأقصى المبارك والمقدسات إلى اعتداءات اليهود واقتحاماتهم، فإنك ترى أبناء المسلمين في كل مكان من العالم في بلاد المسلمين وفي غير بلاد المسلمين حتى، يخرجون معبّرين عن غضبهم ورفضهم بكل الوسائل والطرق؛ مسيرة هنا واعتصام هناك وخطبة ومهرجان، ودعم وتأييد وتبرّع بالمال، وغير ذلك من وسائل الدّعم والتأييد والتضامن.
والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: ما الذي أخرج الناس للتّظاهر في أندونيسيا وماليزيا والفلبين، بل في إيطاليا وهولندا وحتى أمريكا؟ إنه الأقصى، إنها القدس، أرض الإسراء والمعراج، الأقصى وحّد المسلمين وجمع كلمتهم ورصّ صفّهم، المسجد الأقصى المبارك بوصلة الأمة ومقصد توجهها، فإذا سَلِم سَلِمنا، أمّا إذا تألّم وتوجّع فكيف نهنأ بعيش وراحة؟
فيا أيها المسلمون في كل مكان، يا أيها الأحرار، يا أيها الشّرفاء، يا أهل الضمائر الحية والقلوب اليقظة، القبلة الأولى وبوصلة الأمة يستغيث ويستنصر بكم فلا تدعوه وحيدا، هبّوا لنصرته وتحريره.
وختامًا أسأل الله جلّ وعلا فرجًا قريبًا ونصرًا عاجلًا لعباده المجاهدين، وثباتًا للمرابطين والمرابطات في ساحات الأقصى المبارك، إنه وليّ ذلك والقادر عليه.