نمر في هذه الأيام بأيام عظيمة ، وهي أيام العشر الأوائل من ذي الحجة التي تعتبر من أفضل الأيام عند الله تعالى كما ورد في حديث رسول الله صل الله عليه وسلم “ما من أيامٍ العملُ الصالح فيهن أحبّ إلى الله من هذه الأيامِ”، وقال أيضًا: “ثلاثٌ، لا يُخْطِئُهُنَّ مُسْلِمٌ: صومُ ثلاثَةِ أيَّامٍ من كُلِّ شَهْرٍ، وصِيَامُ رَمَضَانَ، وصومُ عشْرةِ ذِي الْحِجَّةِ”.
و لهذه الأيام فضائل كثيرة منها:
- أن الله تعالى أقسم بها: والإقسام بالشيء دليل على أهميته وعظم نفعه، قال تعالى: (والفجر وليال عشر)
- ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد بأنها أفضل أيام الدنيا كما تقدم في الحديث الصحيح.
- وأنه صل الله عليه وسلم حث فيها على العمل الصالح: لشرف الزمان بالنسبة لأهل الأمصار، وشرف المكان أيضا وهذا خاص بحجاج بيت الله الحرام
- -كما أنه صل الله عليه وسلم أمر فيها بكثرة التسبيح والتحميد والتكبير كما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد”.
- وفيها يوم عرفة وهو اليوم المشهود الذي أكمل الله فيه الدّين وصيامه يكفّر آثام سنتين، وفي العشر أيضا يوم النحر الذي هو أعظم أيام السنة على الإطلاق وهو يوم الحج الأكبر الذي يجتمع فيه من الطاعات والعبادات ما لا يجتمع في غيره. وفيه الأضحية والحج.
فما علاقة هذه الأيام بسيدنا إبراهيم عليه السلام؟
هاجر سيدنا إبراهيم عليه السلام من أرض قومه إلى مكان آخر وسأل الله سبحانه وتعالى أن يهب له ولدًا صالحًا وكان يبلغ من العمر 86 عام فبشره الله بولد حليم هو سيدنا إسماعيل عليه السلام.وفي ذات ليلة رأي سيدنا إبراهيم في المنام إنه يؤمر بذبح ابنه الوحيد والعزيز على قلبه، وجاءت هذه الرؤية كاختبار لسيدنا إبراهيم عليه السلام، وقد سارع إبراهيم إلى طاعة ربه وامتثل لأوامره بذبح ابنه إسماعيل.
واتجه سيدنا إبراهيم عليه السلام لابنه وقص عليه ما رأي، حتى يهون عليه ما رأي وقال له يا بني إني أرى في المنام أني اذبحك، كما ورد في قول الله تعالى: “فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إن شاء الله من الصابرين “.
وامتثل إسماعيل عليه السلام لأوامر ربه، فمرر إبراهيم عليه السلام السكين على رقبة إسماعيل عليه السلام ولكنها لم تذبحه، فناداه الله تعالى، “وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كذلك نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ”، وافتدى الله تعالى سيدنا إسماعيل عليه السلام بذبح، “وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ” هذا عن قدسية الزمان وعن علاقة سيدنا إبراهيم عليه السلام بهذه الأيام.
فما علاقة المسجد الأقصى بهذه الأيام وبسيدنا إبراهيم عليه السلام. في الحديث عن هذا الموضوع ننتقل من الحديث عن قدسية الزمان الى الحديث عن قدسية المكان عن قدسية المسجد الأقصى المبارك
فإن العلاقة بين سيدنا إبراهيم والعشر الأوائل من ذي الحجة والمسجد الأقصى المبارك تعتبر علاقة مترابطة بشكل كبير، حيث تتجلى فيها التضحية والإخلاص في سبيل الله تعالى، والتفاني في أداء فرائض الدين.
فسيدنا إبراهيم عليه السلام يعتبر عند كثير من المؤرخين والباحثين الاسلامين هو الباني للمسجد الأقصى المبارك، فبعد أن أمر الله سبحانه وتعالى سيدنا إبراهيم ببناء الكعبة، أمره الله سبحانه وتعالى بزيارة بيت المقدس وببناء مسجد أخر وهو المسجد الأقصى المبارك.
وكان من عادات المسلمين في بعض العصور بعد انتهاء موسم الحج ، أن ينتقل الحاج من مكة الى القدس للصلاة في المسجد الأثصى المبارك ،وأن ينتهي الحج بأداء الصلاة في القدس، وهو ما يُدعى بتقديس الحج.